داود عصمت الصحفي__ يكتب للموعد الجديد _ مصر
إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد إحتاجت لعدة شهور ليتسنى لها إدراك حقيقة ما إذا كانت العراق تمتلك سلاحاً نووياً من عدمه وكذلك الدخول في حربين أنهكتها وأنهكت إقتصادها .. فليس
غريباً عليها أن تحتاج إلى أكثر من شهر ونصف الشهر لتستوعب أن ما جرى في مصر هو ثورة مدنية على حكم"الإخوان" وليس إنقلاباًعسكريا . وطوال تلك الفترة كانت واشنطن تسكب زيت تخبطها ... على نار جماعة المرشد التي إنتهزت غموض الموقف الأميركي لممارسة المزيد من الأعمال الإرهابية.
بموقفها هذا أثبتت الإدارة الأميركية مرة أخرى أنها لاتمتلك إستراتيجية واضحة لعلاقاتها مع دول المنطقة وبخاصة مصر . وهو ما أدى إلى العديد من الكوارث سواء كانت تلك الكوارث في العراق أو ليبيا أو تونس أو اليمن أوسوريا أو لبنان أوالصومال, وحتى في باكستان وأفغانستان, لذلك أهمس في أذن هذه الإدارة وأقول غير آسف : حلوا عنا... أتركونا ننذع شوكنا بأيدينا . فنحن لا نحتاج لتدخلكم الجراحي لنذعه , فتدخلكم الجراحي يقطع أوصالنا ويزيد من نزفنا . إن شعوب المنطقة ليسوا فئران تجارب لسياساتكم الفاشلة بل هي قادرة على تقرير مصيرها بنفسها من دون دروسكم عن ديمقراطيتكم المسمومة التي صنعتموها لتصدروها لنا فقط ... بينما تستخدمون مع شعوبكم ديمقراطيات مختلفة من نوع آخر .. فأنتم تحت هذا العنوان أدخلتم الإرهاب إلى المنطقة . نعم . أنتم من تسبب به . لأنكم إعتمدتم سلسلة من المكاييل ليس بينها أي مكيال يتوافق مع الطبيعة البيئية والسياسية والثقافية والمجتمعية لمجتمعاتنا.
وبما أنكم إتخذتم قراركم بترك المنطقة وغلق سفاراتكم وسحب جاليتكم .. فإذن عليكم قبل أن تغادروها تنظيف كل ما تسببتم به من أوساخ ودمار . خذوا معكم جماعات التطرف التي ربيتموها في كنفكم كي تفترسنا وتشوه صورة المسلمين والعرب . خذوا معكم "الإخوان" ومرشدهم . وكل مرشدي الجماعات المتطرفة.
أيها الأغبياء .. إفهموا الدرس جيداً .. الذي سطره لكم الشعب المصري بموقفه الرافض لسياساتكم . فالمنطقة ليست خاضعة لمزاج إدارة الرئيس باراك أوباما التي تنام على موقف وتصحو على آخر. وهذا ما يجب أن تفهمه الولايات المتحدة الأمريكية . التي يبدو أنها بدأت تفهم ماذا يعني تقرير المصير . فسارعت إلى الإنعطاف في موقفها من الثورة المصرية ثورة 30 يونيو .
لا شك أن الموقف الأمريكي المستجد من الوضع في مصر ليس وليد صحوة ضمير, إنما بسبب ثبات القاهرة على موقفها . ما جعل واشنطن تعيد حساباتها مع جماعة"الإخوان" وتتراجع عن السعي إلى إعادتها للحكم مرة بالغمز من خلال أن ما جرى في 30 يونيو كان إنقلابا عسكريا, وأخرى من خلال التلويح بقطع المعونة العسكرية عن الجيش المصري, لكن كل ذلك أفشله ثبات مصر على موقفها بدعم من دول "مجلس التعاون" الخليجي . وبخاصة المملكة العربية السعودية . ودولة الإمارات العربية المتحد . ودولة الكويت الذين دعمو إقتصاد مصر بعد عشرة أيام فقط من ثورة يونيو المجيدة ب 12 مليار دولار .
لكن ما يجب أن تدركه الإدارة الأمريكية هو أن هذه الإنعطافة ليست كافية وعليها الإمعان جيداً في ما قاله وزير الدفاع .
القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الإنتاج الحربي الفريق أول عبدالفتاح السيسي في حديثه الى صحيفة "الواشنطن بوست", وعليها أن تفهم جيدا أن حكم مصر تعرض لواحدة من أكثر عمليات السطو وضوحا, لأن "الإخوان" هيمنوا على إرادة الشعب بالإبتزاز السياسي وزيفوا الإنتخابات وزوروها وهددوا بعدم إعلان رئيساً لمصر غير مرسي وكل ذلك . برعاية أمريكية . ونصبوه رئيساً ليسيطروا على الدولة وينهبوا أموالها, فيما تركوا شعب مصر العظيم يغرق في الأزمات المعيشية . وحاولوا خطف قرار الجيش . لكن خير أجناد الأرض والملايين من خلفهم إستردوا الحكم من سارقيه . ومهما تنوعت المواقف الأميركية وتعددت أساليب الضغط لن تعود عقارب الساعة المصرية إلى الوراء ولن تعود عجلة التاريخ إلى الخلف وهو ما أكده الفريق أول السيسي في حديثه الأخير .
في ظل هذه الحقيقة لاتزال الفرصة سانحة أمام إدارة البيت الأبيض في التكفير عن ذنبها الذي إرتكبته في حق مصر من خلال إستثمار الإنعطافة تلك والبناء عليها . ولكن هذا لا يتحقق من دون وجود قوة سياسية مؤثرة على جانب موازي . وهذه القوة موجودة اليوم في منظومة دول "مجلس التعاون الخليجي " التي لا تزال محافظة على وحدتها وقوتها . وهي وحدها القادرة على تأدية دور كبير في هذه المرحلة ليس من خلال ممارسة المزيد من الضغط على الولايات المتحدة في القضية المصرية فحسب بل في العديد من الملفات العربية التي لا تزال المفاعيل السلبية للسياسة الأمريكية تؤثر فيها وتعيق إغلاقها .
لا شك أن الجهد الخليجي لن ينجح من دون ممارسة الدول العربية المعنية دورها الطبيعي في حفظ أمنها وسيادتها . وخصوصا مصر التي بات على قيادتها تصحيح خطأ السماح لمنسقة السياسة الخارجية الأوروبية في الإجتماع بالرئيس المخلوع شعبياً محمد مرسي, والذي حاولت بعض الدول الغربية جعله أمراً واقعاً في تعاطيها مع مصر الجديدة . ولذلك كان طلب وزير الخارجية الألماني هو الآخر لقاء مرسي شرطاً لزيارة مصر في محاولة منه لتكريس هذا السلوك . وربما نافذة لتعويم حكم المرشد من خلال إشتراط وزراء خارجية الدول الأوروبية الإجتماع إلى المعزول لزيارة مصر . ولتبدو مصر دولة منقسمة ولها رئيسين لكن حسناً فعلت الحكومة المصرية برفضها طلب الخارجية الألمانية لقاء مرسي . والمطلوب اليوم من الإدارة المصرية أن تستكمل ذلك وتدير ظهرها لمن تسبب في إراقة دماء المصريين الأبرياء بمواقفهم الغامضة . وتلتفت إلى بناء ما هدمه "الإخوان" وإعادة الأمن والإستقرار إلى مصر.
نشر في جريدة الزحف الثوري بتاريخ 13 أغسطس 2013
غريباً عليها أن تحتاج إلى أكثر من شهر ونصف الشهر لتستوعب أن ما جرى في مصر هو ثورة مدنية على حكم"الإخوان" وليس إنقلاباًعسكريا . وطوال تلك الفترة كانت واشنطن تسكب زيت تخبطها ... على نار جماعة المرشد التي إنتهزت غموض الموقف الأميركي لممارسة المزيد من الأعمال الإرهابية.
بموقفها هذا أثبتت الإدارة الأميركية مرة أخرى أنها لاتمتلك إستراتيجية واضحة لعلاقاتها مع دول المنطقة وبخاصة مصر . وهو ما أدى إلى العديد من الكوارث سواء كانت تلك الكوارث في العراق أو ليبيا أو تونس أو اليمن أوسوريا أو لبنان أوالصومال, وحتى في باكستان وأفغانستان, لذلك أهمس في أذن هذه الإدارة وأقول غير آسف : حلوا عنا... أتركونا ننذع شوكنا بأيدينا . فنحن لا نحتاج لتدخلكم الجراحي لنذعه , فتدخلكم الجراحي يقطع أوصالنا ويزيد من نزفنا . إن شعوب المنطقة ليسوا فئران تجارب لسياساتكم الفاشلة بل هي قادرة على تقرير مصيرها بنفسها من دون دروسكم عن ديمقراطيتكم المسمومة التي صنعتموها لتصدروها لنا فقط ... بينما تستخدمون مع شعوبكم ديمقراطيات مختلفة من نوع آخر .. فأنتم تحت هذا العنوان أدخلتم الإرهاب إلى المنطقة . نعم . أنتم من تسبب به . لأنكم إعتمدتم سلسلة من المكاييل ليس بينها أي مكيال يتوافق مع الطبيعة البيئية والسياسية والثقافية والمجتمعية لمجتمعاتنا.
وبما أنكم إتخذتم قراركم بترك المنطقة وغلق سفاراتكم وسحب جاليتكم .. فإذن عليكم قبل أن تغادروها تنظيف كل ما تسببتم به من أوساخ ودمار . خذوا معكم جماعات التطرف التي ربيتموها في كنفكم كي تفترسنا وتشوه صورة المسلمين والعرب . خذوا معكم "الإخوان" ومرشدهم . وكل مرشدي الجماعات المتطرفة.
أيها الأغبياء .. إفهموا الدرس جيداً .. الذي سطره لكم الشعب المصري بموقفه الرافض لسياساتكم . فالمنطقة ليست خاضعة لمزاج إدارة الرئيس باراك أوباما التي تنام على موقف وتصحو على آخر. وهذا ما يجب أن تفهمه الولايات المتحدة الأمريكية . التي يبدو أنها بدأت تفهم ماذا يعني تقرير المصير . فسارعت إلى الإنعطاف في موقفها من الثورة المصرية ثورة 30 يونيو .
لا شك أن الموقف الأمريكي المستجد من الوضع في مصر ليس وليد صحوة ضمير, إنما بسبب ثبات القاهرة على موقفها . ما جعل واشنطن تعيد حساباتها مع جماعة"الإخوان" وتتراجع عن السعي إلى إعادتها للحكم مرة بالغمز من خلال أن ما جرى في 30 يونيو كان إنقلابا عسكريا, وأخرى من خلال التلويح بقطع المعونة العسكرية عن الجيش المصري, لكن كل ذلك أفشله ثبات مصر على موقفها بدعم من دول "مجلس التعاون" الخليجي . وبخاصة المملكة العربية السعودية . ودولة الإمارات العربية المتحد . ودولة الكويت الذين دعمو إقتصاد مصر بعد عشرة أيام فقط من ثورة يونيو المجيدة ب 12 مليار دولار .
لكن ما يجب أن تدركه الإدارة الأمريكية هو أن هذه الإنعطافة ليست كافية وعليها الإمعان جيداً في ما قاله وزير الدفاع .
القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الإنتاج الحربي الفريق أول عبدالفتاح السيسي في حديثه الى صحيفة "الواشنطن بوست", وعليها أن تفهم جيدا أن حكم مصر تعرض لواحدة من أكثر عمليات السطو وضوحا, لأن "الإخوان" هيمنوا على إرادة الشعب بالإبتزاز السياسي وزيفوا الإنتخابات وزوروها وهددوا بعدم إعلان رئيساً لمصر غير مرسي وكل ذلك . برعاية أمريكية . ونصبوه رئيساً ليسيطروا على الدولة وينهبوا أموالها, فيما تركوا شعب مصر العظيم يغرق في الأزمات المعيشية . وحاولوا خطف قرار الجيش . لكن خير أجناد الأرض والملايين من خلفهم إستردوا الحكم من سارقيه . ومهما تنوعت المواقف الأميركية وتعددت أساليب الضغط لن تعود عقارب الساعة المصرية إلى الوراء ولن تعود عجلة التاريخ إلى الخلف وهو ما أكده الفريق أول السيسي في حديثه الأخير .
في ظل هذه الحقيقة لاتزال الفرصة سانحة أمام إدارة البيت الأبيض في التكفير عن ذنبها الذي إرتكبته في حق مصر من خلال إستثمار الإنعطافة تلك والبناء عليها . ولكن هذا لا يتحقق من دون وجود قوة سياسية مؤثرة على جانب موازي . وهذه القوة موجودة اليوم في منظومة دول "مجلس التعاون الخليجي " التي لا تزال محافظة على وحدتها وقوتها . وهي وحدها القادرة على تأدية دور كبير في هذه المرحلة ليس من خلال ممارسة المزيد من الضغط على الولايات المتحدة في القضية المصرية فحسب بل في العديد من الملفات العربية التي لا تزال المفاعيل السلبية للسياسة الأمريكية تؤثر فيها وتعيق إغلاقها .
لا شك أن الجهد الخليجي لن ينجح من دون ممارسة الدول العربية المعنية دورها الطبيعي في حفظ أمنها وسيادتها . وخصوصا مصر التي بات على قيادتها تصحيح خطأ السماح لمنسقة السياسة الخارجية الأوروبية في الإجتماع بالرئيس المخلوع شعبياً محمد مرسي, والذي حاولت بعض الدول الغربية جعله أمراً واقعاً في تعاطيها مع مصر الجديدة . ولذلك كان طلب وزير الخارجية الألماني هو الآخر لقاء مرسي شرطاً لزيارة مصر في محاولة منه لتكريس هذا السلوك . وربما نافذة لتعويم حكم المرشد من خلال إشتراط وزراء خارجية الدول الأوروبية الإجتماع إلى المعزول لزيارة مصر . ولتبدو مصر دولة منقسمة ولها رئيسين لكن حسناً فعلت الحكومة المصرية برفضها طلب الخارجية الألمانية لقاء مرسي . والمطلوب اليوم من الإدارة المصرية أن تستكمل ذلك وتدير ظهرها لمن تسبب في إراقة دماء المصريين الأبرياء بمواقفهم الغامضة . وتلتفت إلى بناء ما هدمه "الإخوان" وإعادة الأمن والإستقرار إلى مصر.
نشر في جريدة الزحف الثوري بتاريخ 13 أغسطس 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق