السبت، 20 يوليو 2013

وطن ....للبيع




جمال الموسوي . مدير مكتب البرقيه التونسيه والموعد الجديد العالميه في جمهورية العراق
---------------------------------------------------------------------------------------------



الكاتب: يعقوب يوسف

كان ماراً بسيارتهِ الفارهة والمصفحة وسط سيارات الحماية التي تحيطُ به بصفارتها التي ترشق ُفي الخوف عيون المارة من بسطاء الناس ، وكان ينظر من خلالِ زجاج سيارته المظللة التي لا يراها الآخرون ولا ينفذ من خلالها ضوء الشمس كي لا تمس عينيه حقيقةُ الواقع، وبينما هو في نشوة السلطة استوقفتهُ عبارةٌ معلقة ٌ على أحدى البيوت أو بالأحرى خربة مبنية ( تحت جسر النهضة ) من صفائح آيلة للسقوط مع أبسط ريح .. حيث كتب عليها عبارة

( أولاد للبيع ) !!!

نكز سائقهُ بسبابته... أنتظر لحظة يا رائد أتجهْ صوبَ ذلك البيت الذي على يسارك المبني من الصفائح تحت الجسر !!!...

حاضر أستاذ ، وهنا اتصل السائق بالحماية الذين كانوا في المقدمة ليأمرهم بالتوجه وتغيير المسار إلى المكان المقصود ...ترجل السيد المسؤول ليدخل قبله الحماية وكأنها في عملية ألقاء قبض على متهم .. كانت رائحة المكان تشمئز منها النفوس على بعد عدة أمتار ليجد في باحة الدار طفلين وبنت تكاد الأوساخ تخفي ملامحهم المتعبة ورائحتهم تزكم الأنوف ورجل أنهكته السنون وبانت على ملامحه أثارُ الهموم .... بادر السيد المسؤول والمثقل بالأموال سائلا :

ما أسمك ؟

وما هي قصتك ؟

أسمي راضي وهاهم أولادي ماهر وسالم وابنتي سارة ...سارة كانت ملامح الجمال والبراءة الطفولية ترتسمة على وجهها الذي تشرق ُ فوقه أبتسامة تلين ُ قلوب َ الجبابرة...

أما قصتي يا سيدي فأنا فقير ولا أملك سقف يغطي هشاشة عظام أولادي.... التحفُ جسرَ النهضة ليكون لي سقفا أستظل به من حرارة الشمس ومطر الشتاء ...

وأما طعامي قبل أن تسألني عنه فأجيبك....مطاعم الشيخ عمر عندما ترمي بفضلاتها في براميل القمامة نلتقط منها ما يسد رمقنا من بين بقايا القمامة !!!

المسؤول : طيب هل لديك أخوة أو أقارب ليساعدوك في أوضاعك المزرية ؟

الرجل : أستاذي أنت تسأل وكأنك بعيد عن المجتمع .....الأخ كم يستطيع أن يتحمل أخاه

والى متى؟

خاصة أنا رجل معاق ولي امرأة هربت من قسوة الحياة والتي لا اعرف لها مكان ، وثلاث أولاد ليس لي حل إلا بيعهم..

أستخف السيد المسؤول بكلام راضي لأنه ليس لديه القناعة بما يقول ( لأن الأيده بالماي مو مثل الأيده بالنار)

المسؤول : شوف راضي أنت شنو إلي تريده ؟

الرجل : أستاذ صدوك أتريد تنقذني ...!!

طيب أريد منك مكان يؤويني حتى ولو خمسون متراً .

هنا توقف المسؤول ليكون بمحل الأنانية والبخل الذي يملكه الكثير من الأغنياء غير مكترث بهول ما قد يكون بعدما يخرج راضي خالي الوفاض من ضيافته الفضولية ...

قال المسؤول : راضي أعطني الأطفال لأضعهم في دار للأيتام وأنت تقدر أن تعيش بأمان واطمئنان عليهم ... وبذلك سترتاح

انتفختْ أوداج راضي وكاد يفعل ما يفعل لولا تذكر أنه أمام رجل مسؤول مدجج بالحماية

قال : وكيف أعطيك أولادي لتضعهم في دار الأيتام هل جئت إلى هنا لتقول لي هذا ....

جئت َ لتأخذَ مني أولادي وتضعهم في سجن محصن ....

المسؤول : راضي أحسن ما تبيعهم ...

الرجل: أبيعهم أحسن يا سيدي ... أولادي وأنا حر التصرف بهم

المسؤول : لا أنت لست َليس حرأً يا راضي ، هناك قانون يجب أن يطبق ولا يسمح لك بأن ترمي بهم إلى دهاليز التهلكة والضياع ...

ضحك راضي بسخرية ... أستاذ يا قانون هذا إلي يجعل من البعض يسرق أموال الشعب حد التخمة وآخرين لا يجدون من يسد رمقهم... أي قانون هذا الذي يسمح بالعصابات تصول وتجول والفقير لا يستطيع أن يتكلم .... أي قانون يسمح بدخول المفخخات والمخدارت والتجارة بالأعضاء البشرية... !!!

نعم لا تستغرب أنا أنتظر جماعة يشترون أولادي بثمن أستطيع أن أعيش بقية حياتي بعيدا عن مزابل المترفين والمسؤولين ..

أستاذ (جربت أتشوف جهالك يبجون كدامك من الجوع أو بردانين وما عندك شي أتغطيهم بيه )

المسؤول : بس أكو واحد يبيع أولاده يا راضي

الرجل : أستاذ يا أولاد ...الناس باعت أوطان...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق