الأربعاء، 31 يوليو 2013

خيمة البرقية الرمضانية "اليوم23


مصطفـى العمراني_"مدير مكتب البرقية التونسية"
و الموعد الجديد العالمية _المغرب.

مما راقني الليلة...
"ليلة سقوط الاندلس", قد تظنه عملا سينيمائيا جديدا, على غرار "ليلة سقوط بغداد" أو مسرحية هزلية أو رواية عربية, كلا! إنها الحقيقة المرة التي تجرعها المسلمون على مضض منذ 519 سنة مضت.

أبو عبد الله يسلم المفاتيح لفرناندو
الليلة, الثاني من يناير. الليلة ماتت الأندلس, بعد حياة دامت قرابة الثمانية قرون, الليلة تضاف دولة جديدة إلى أرشيف الدول التي عاشت حينا من الدهر ثم انمحت من الوجود.
إنه تقلب الزمان أنظر إلى طارق بن زياد وهو يدخل الاندلس فاتحا و موسى بن النصير منتصرا و انظر إلى أبو عبد الله الصغير يخرج منها مستصغرا مذموما مخذولا. دخل المسلمون فاتحين لهذه البلاد عارضين على أهلها الإسلام برفق و لين ولهم ان يبقوا على ديانتهم و أن يمارسوا شعائرهم إن هم ارادوا ذلك, شريطة ان يدفوا الجزية و المسلمون يدفعون الزكاة.
تلك الأرض التي كانت صرحا للعلم و الأدب و الفن, كانت منارة تهدي الحيارى في ظلمات الجهل الذي كانت تتخبط فيه أوروبا بأسرها. انتشرت العلوم و ازدهرت البلاد و تطورت أساليب التطبيب و الزراعة و الرّي وعاش المسلمون و النصارى و اليهود جنبا إلى جنب في أسمى معاني التعايش و التسامح, حتى عاش أهل الأندلس قمة الترف و الرفاهية و الرخاء’ فغرهم ذلك و ظنوا ان الملك دائم فتنازعوا بينهم و تفرقوا شيعا ودويلات, فذهبت هيبتهم, و ضعفت شوكتهم, فأخذت الإمارات تسقط الواحدة تلو الأخرى حتى سقطت إمارة غرناطة -آخر معاقل المسلمين بالأندلس- فخرج السلطان أبو عبد الله الصغير وهو يجر أذناب الخزي و العار ليسلم مفاتيح غرناطة للملك فرناندو ثم يسقط العَبَرات و الحَسَرات, فتُوبخه أمه قائلة :"إبك بكاء النساء على ملك لم تحفظه حفظ الرجال", سلَّمهم المفاتيح بعد توقيع معاهدة تحفظ حقوق المسلمين كاملة, لكنهم سرعان ما خانوا عهودهم, فأُنشأت محاكم التفتيش وهُجِّر اليهود و أبيدوا و طردوا, كما ساموا المسلمين سوء العذاب. إنه أسوأ تطهير عرقي لأمة و دين و شعب, عُذب المسلمون, قتلوا, شردوا, فأيادي محاكم التفتيش ضربت على الإسلام و المسلمين بلا هوادة وعلى مدى ثلاثة قرون متواصلة, حتى محت أثر الإسلام و بذلك محت أثر التعايش و السلام و الإخاء.
هكذا انتهت بلاد كانت تسمى الأندلس وهكذا ساد بني الأصفر, وهكذا بكى المسلمون فردوسهم المفقود.
مضت الاندلس و بقية لنا الدروس و المواعظ, إن ما يجول بخاطري الآن هو هل ستسقط فلسطين كما سقطت الأندلس؟ هل من الممكن ان يمحى الإسلام كما محي من الاندلس؟ لا سامح الله و لا بارك في أرض تُقِلنا إن مضت فلسطين ومحي الإسلام, ولا بارك الله في حياة حينها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق