السبت، 20 يوليو 2013

المرأة الواعية .. ضرورة مجتمعية







جمال الموسوي . مدير مكتب البرقيه التونسيه والموعد الجديد العالميه في جمهورية العراق
-----------------------------------------------------------------------------


المرأة هي نصف ألمجتمع بل هي المجتمع كله؛ لأنها تصنع النصف ألآخر فهي الأم والزوجة والابنة والأخت وعليها يقوم صلاح المجتمع أو فساده.. والمرأة التي تحصر نفسها داخل بيتها فقط، وتغلق بابها أمام أي محاولة للتعليم والتثقيف تهدر حقًّا أساسيًّا من حقوقها؛ وهو حقها في حياة أفضل لها ولأسرتها ولمجتمعها كله, لذا فلابد للمرأة أن تشارك في بناء ونهضة ألمجتمع وأن تكون على دراية بما يصنع في السياسة والاقتصاد بل من حقها أن تكون لها مشاركة سياسية حتى وإن لم تبرح المنزل.

«المرأة لها دور هام في ألمجتمع وهو المعنى الآخر للمشاركة السياسية، حيث تعد المرأة جيلًا قويًّا سليمًا, فتربية الأبناء ليست مهمة هينة, وكذلك قد تقوم بعمل تطوعي خيري أهلي لخدمة المجتمع الذي تعيش فيه, وهذه جميعها جوانب أَعتبرها مشاركة سياسية بالمعنى الواسع, لأنها تصب كلها في المجتمع، وفي أداء خدمات لهذا المجتمع.

وبالتالي فإنَّ المشاركة السياسية لا تعني فقط المعنى الضيق لها، وإن تيسرت فيجب أن تقوم المرأة بدورها فيها، وإن لم يتيسر فللمرأة مجالات أخرى تستطيع أن تشارك فيها، الأهم أن تكون موجودة وواعية وفاعلة ومدركة أنها عنصر أساسي في المجتمع، وأن عليها دورًا، وأنها ليست تابعًا أو مهمشًا، وأن هذا الدور يمكن أن يكون في نطاق خصوصية مجتمعاتنا، وفي نطاق ضوابط شرعنا، وفي نطاق ضوابط شرعية لسلوك المرأة وحريتها.

وبهذا نفرق بين الحديث عن حرية المرأة ومشاركتها السياسية بلا ضوابط ولا قيود، وبين حديث يثير مخاوف البعض، فيقول، لنجعل المرأة في البيت بلا خروج. هذا خطأ من الجانبين، الجانب الذي يطلق الحرية بلا قيود، والجانب الذي يرى أن الحل في مقابل ذلك هو أن نجنب المرأة تمامًا أي دور في المجتمع.

فالإسلام حدد حقوق المرأة، وكذلك واجباتها, فهي مثلًا إذا كانت متعلمة وواعية تستطيع أن تساعد غيرها من غير المتعلمات، وبذلك تنفع نفسها ومجتمعها، وتسهم في تنميته في أمور كثيرة.

وحول قضية المساواة بين المرأة والرجل مطروحة بقوة في الخطاب النسوي المعاصر، بطريقة تثير كثيرًا من التساؤلات، حتى في الغرب، وتثير كثيرًا من التحفظات وردود الفعل السلبية والنقد من جانب مجتمعات عربية وإسلامية كثيرة.

لسنا في حاجة إلى أن أكرر ما يقال عن تكريم الإسلام للمرأة، لأن القرآن يتجه إلى الإنسان فيما يتصل بالتكليفات والعبادات والحدود. في الإيمان والتقوى والثواب والعقاب يخاطب الله الإنسان دون تفرقة بين الرجل والمرأة، فالأمر يتصل بالإنسانية كلها.

ولكن مما لا شك فيه أن الإسلام فرّق بين الرجل والمرأة بحكم الاختلاف البيولوجي، وهو أمر حيوي وأساسي لا أحد يستطيع أن ينكره، حيث يترتب عليه اختلافات بين الرجل والمرأة لا يمكن أن يترتب عليها مساواة كاملة بينهما في كل شيء، ولكن الأعراف والتقاليد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فعلًا تميز بين الرجل والمرأة فيما لم يميز فيه القرآن أو الشرع، بحيث أن المرأة بالفعل لا تتساوى مع الرجل في أمور يجب أن تساوى به فيها بمقتضى الشرع.

وهنا يجب أن نوضح برؤية إسلامية معنى قضية المساواة، وننظر لها بالمعنى الذي يجب أن ندين به سلبيات الممارسات للأعراف والتقاليد التي تجعل المرأة في مرتبة ثانية أو ثالثة... بالمقارنة بالرجل، وهو الأمر الذي ليس في الإسلام على الإطلاق، إنما هو نابع من أعراف وتقاليد ومشروحات لفقه له نواحٍ معينة، وينظر إلى المرأة بطريقة معينة، وبالتالي علينا أن ننظر بحذر إلى محاولات المساواة المطلقة، والتي تدعو إليها الاتجاهات النسوية الحديثة، بدون أي تفكير في خصوصية وضع المرأة، وما قد يترتب على هذه المساواة من آثار سلبية على الأسرة والمجتمع.

و عوامل تناقص قيمة المرأة واحترامها في المجتمع نقول «بالنظر إلى المعايير الإجرائية والأبحاث الميدانية فإن نسبة مشاركة المرأة اجتماعيًّا زادت، وكذلك نسبة العاملات في كل المجالات، وكذلك زاد الاهتمام بقضايا المرأة وحريتها وحقوقها بشكل لا أحد يستطيع أن ينكره، فمن أجلها تعقد الندوات والمؤتمرات لبحث كل أمورها.

ولكن كل ما قلناه مؤشرات شكلية للاهتمام بالمرأة، ومحاولة دفعها كقضية إلى الأمام, ولكن: ما مكمن الخطر على المرأة المسلمة والعربية بشكل عام ؟ هو أننا نعيش في عصر العولمة؛ عصر الفضائيات والإنترنت، وهذه كلها وسائل جذب توظف المرأة بطريقة سلبية جدًّا، كما يحدث في الأفلام والإعلانات والمجلات وغيرها، بحيث أضحت المرأة كما لو كانت سلعة تروج بها السلع الأخرى، فمكمن الخطورة هنا من خلال عاملين: التأثير على العامل المجتمعي والبعد الذي تحكم به المرأة من خلال المجتمع الذي تعيش فيه، والجانب الآخر القيمي، عبر التأثير على قيم المرأة بما يؤثر على قيم المجتمع كله. وهنا لا تكون الخطورة فقط على المرأة وحدها، وإنما على المجتمع كله؛ رجاله وأطفاله وشيوخه، وكذلك قيمه وأخلاقياته.

ونحن نرى نتيجة ذلك كله من خلال تزايد معدلات الجرائم في المجتمع؛ كجرائم هجر الآباء، وعقوق الأبناء، وجرائم الاغتصاب، وغيرها، وظهور العديد من السلوكيات المنفرة للعديد من الفتيات في المحافل العامة وغيرها، فإذا لم نتمسك بالمرجعية الدينية، وإذا لم تحدث دراسة شديدة للواقع، ومعرفة متطلباته واحتياجاته، أخشى أن يحدث انهيار للمجتمع من خلال المرأة والتأثير عليها، وأخشى أن لا يكون الانهيار فقط في المجتمعات الغربية شديدة الثراء والتقدم والحضارة، التي لم تقم على الأخلاق، والتي لا بد أن تنهار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق