اربعون عاما اسير اليك يا امى هل تذكرين ..؟ اربعون عاما لاتقاس بالايام ولا بالسنين .. شابا فتيا رضع من النيل قبل ان يرضع ثدى امه يطرق باب حجره امه فى اجازه اجباريه .. وهو لا يعلم ان اجازته تاتى ضمن خطه خداع استراتيجى يسبق العاصفه .. تعال الى حضن امك يا ولدى وطمنى عن احوال جنودك ورفاقك فى الجبهه تعال واروى عطشنا لأسترداد كرامتنا التى اهرقت فى غفله من الزمان .. تعال افطر من يد امك ايها المقاتل الصائم الذى سرعان ما يذهب .. تعال اغتسل من دموع امك وتوضأ لصلاه الظهر .. تعال اخلع ثيابك العسكريه كى اشم رائحه البطوله .. ..وما ان ينتهى الفتى من صلاه الظهر .. حتى يستلقى واضعا راسه فى حجر امه ... يحدثها عن احواله ..وسبب غيابه هذه المره .. وعن رفاقه وجنوده كيف يكون صيامهم فى الجبهه فى ملاجىء محفوره فى باطن الارض .. بل وتحثه ..متى يوم الخلاص ..متى نرفع الراس ..؟ . .فيطمئنها بأن فرج الله قريب ..والجميع انهى تدريبه على اعلى مستوى قتالى .. ولم يتبق الا القرار .. .......... وقبل ان تدق الساعه الثانيه بعد الظهر . .يتوقف الراديو عن الاغانى الرمضانيه .. وينصت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير .. لقد حدثت مناوشات اسرائيليه على شط القنال بقطاع السويس .. كما يحدث يوميا .. ولكن هذه المره فقد ردت المدفعيه الثقيله على طول القنال بكاملها من بورسعيد وحتى السويس ردا معجزا كسيول النار .. ..وفهم الفتى الرساله ..كما تعلمها وتدرب عليها .. انه التمهيد النيرانى الكثيف الذى يسبق نار جهنم التى ستلقى بها طائراتنا على كامل مساحه المواقع العسكريه الاستراتيجيه الاسرائيليه فى سيناء .. اذا فهى الحرب الشامله ...لا غيرها .. اذا ..فقد صدر القرار ..ويعلو التكبير والتهليل فى الشوارع ..وتنتشر جماعات الدفاع المدنى لتوعيه الناس بواجباتهم .. لقد عبرت القوات المصريه بعد التمهيد النيرانى المدفعى والجوى ..على طول القناه .. اذا فقد حانت ساعه الجد ولا داعى للتخمين او الاستنتاج او التحليل .. وتقف امى وقفه لا انساها ابدا حتى اموت .. قم ياولدى وارتدى ثيابك العسكريه ..وعد من حيث اتيت .. بالله عليك يا امى المغرب بعد 3 ساعات .. .اريد ان افطر معك مره واحده فى رمضان .. ..وتقول الام وهى تبكى ..لا افطار لك معنا اليوم يا امى بالله عليك انتظر اشاره الاستدعاء ... وتقول الام التى لم تنل الا قسطا ضئيلا من التعليم .. تفطر مع جنودك ... تفطر فى حضن امك الكبرى .. تفطر مع الطاهرين ..وكل من فى مصر يدعو لكم امى.. ان هناك من يقوم مقامى ..صبرا جميلا .. وترد الام التى اعطت للجيش المصرى خمسه رجال كنت اولهم .. وهل هناك من ينوب عنك فى الاستشهاد ..؟ ..وهل هناك من يقوم مقامك فى الموت ..؟ اشاره الاستدعاء يا امى ... لا تحدثنى عن ايه اشارات ..فأنت متدرب على الاستدعاء اربعه سنوات كامله .. رحماك يا امى فكل وسائل المواصلات لابد انها متوقفه الآن ..وكيف اسافر من الاسكندريه الى الجبهه بهذه السهوله ..؟ وتقول الام بكل صرامه . .اثق انك ستتصرف كما علموك فى الجيش ... كيف يهون عليك ان تاكل طعاما فى قعر بيت ابوك وجنودك يفطرون على رمال الصحراء ..ويتيممون برمالها ..؟ قم ياولدى ..قبل ان العن البطن التى حملتك .. وينزل الفتى الى الشارع ..نازعا رتبته العسكريه طبقا للتعليمات ..متوكلا على الله بينما شارع محرم بك بالكامل يزفه بطلا زفه اسكندرانى لم يشهدها اى عريس منذ الخليقه
================= محمد جبر .. العاشر من رمضان ..1973 _==2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق